کد مطلب:195911 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:177

موسی بن إسرائیل الکوفی
القفطی 208.

هذا الرجل طبیب من أهل الكوفة ولد سنة 129هـ وتوفی سنة 222هـ. خدم فی أواخر أیامه أبا إسحاق إبراهیم بن المهدی واختص بخدمته وتقدم عنده وله ذكر مشهور بین الأطباء. وكان قلیل العلم بالطب إذا قیس بمن كان فی وقته من مشاهیر مشایخ المتطببین، إلا أنه كان أملأ لمجلسه منهم لخصال إجتمعت فیه. كفصاحة اللهجة مع علم بالنجوم ومعرفة بایام الناس وروایة للأشعار.

وكان أبو إسحاق أبراهیم یحتمله لهذه الخلال، ولأنه طیب العشرة جداً یدخل فی منادمی الملوك.

وكان ابن إسرائیل هذا فی حداثته بخدمة الأمیر عیسی بن موسی العباسی وكان قد خدم معه المتطبب الیهودی فرات بن شحناثا، وهو یروی عنه أی عن فرات حكایات كثیرة من مشاورات عیسی له وإرشاداته إیاه بالآراء الصائبة.

قال الطبیب موسی [1] : لما عقد المنصور لعیسی بن موسی علی محاربة (محمد بن عبد الله العلوی) وسار باللواء من داره قال لفرات: ماتقول فی هذا اللواء؟ قال فرات: أقول إنه لواء الشحناء بینك وبین أهلك إلی یوم القیامة. ألا أنی أری لك نقل أهلك من الكوفة إلی أی البلدان أحببت، فان الكوفة بلد أهلها شیعة من تحارب، فان فللت لم یكن لمن تخلف بها من أهلك بقیا، وإن فللث وأصبت من تتوجه إلیه زاد ذلك فی أضغانهم علیك، فان سلمت منهم فی حیاتك لم یسلم منهم عقبك بعد وفاتك. فقال عیسی ویحك إن أمیر المؤمنین غیر مفارق



[ صفحه 93]



الكوفة فلم أنقل أهلی منها وهم بعد فی داره؟ فقال: إن الفیصل فی مخرجك فان كانت الحرب لك فالخلیفة مقیم بالكوفة، وإن كانت علیك لم تكن الكوفة له بدار وسیهرب منها ویخلف حرمه فضلاً عن حرمك.

قال موسی الطبیب: فحاول عیسی نقل عیاله من الكوفة فلم یسوغ المنصور له ذلك، ولما فتح الله علی عیسی ورجع إلی الكوفة وقتل إبراهیم بن عبد الله إنتقل المنصور إلی مدینة دار السلام، فقال له متطببه: بادر بالانتقال معه إلی مدینته التی قد أحدثها. فاستأذن المنصور بذلك فاعلمه أنه لا سبیل إلیه وإنه قد دبر إستخلافه علی الكوفة فاخبر عیسی فراتاً متطببه بذلك فقال له: إن إستخلافه أیاك علی الكوفة حل لعقدك علی العهد، لأنه لو دبر تمام الأمر لك لولاك خراسان بلد شیعتك، فأما أن یجعلك فی الكوفة بلد أعدائك وأعدائه وقد قتلت محمد بن عبدالله فوالله ما دبر فیك إلا قتلك وقتل عقبك ومن المحال أن یولیك خراسان بعد الذی ظهر منه فیك فسله تولیتك الجزیرتین أو الشام، فاخرج إلی أی الولایتین ولاك فاوطنها. فقال له عیسی: أتكره لی ولایة الكوفة وأهلها من شیعة بنی هاشم وترغب لی بولایة الشام أو الجزیرتین وأهلها شیعة بنی أمیة، فقال له فرات: أهل الكوفة وإن وسموا أنفسهم بالتشیع لبنی هاشم فلست وأهلك من بنی هاشم الذین یتشیعون لهم، وإنما تشیعهم لبنی أبی طالب، وقد أصبحت من دمائهم ما قد أكسب أهلها بغضك وأحل لهم عند أنفسهم الاقتیاد منك وتشیع الشام والجزیرتین لیس علی طریق الدیانة، وإنما ذلك علی طریق إحسان بنی أمیة لهم، وان إنت أظهرت لهم مودة متی ولیتهم وأحسنت إلیهم كانوا لك شیعة، ویدلك علی ذلك محاربتهم مع عبدالله ابن علی علی ما قد نال من دمائهم، لما تألفهم وضمن لهم الاحسان إلیهم، فهم إلیك لسلامتك من دمائهم أقبل.

قال موسی الطبیب: واستعفی عیسی من ولایة العهد، وسأل تعویضه عنها فأعلمه المنصور أن الكوفة دار الخلافة، لایمكن أن تخلو من خلیفة أو ولی العهد



[ صفحه 94]



ووعده أن یقیم فی مدینة السلام سنة وفی الكوفة سنة وأنه إذا صار إلی الكوفة صار عیسی إلی مدینة السلام وأقام بها.

قال ولما طلب أهل خراسان عقد البیعة للمهدی، قال عیسی لفرات: یا فرات قد دعیت إلی تقدیم محمد بن أمیرالمؤمنین علی نفسی، فقال له: فتوقع ما أری أن تسمع وتطیع الیوم وبعد الیوم، قال عیسی: وما بعد الیوم؟ قال إذا دعاك محمد إلی خلع نفسك وتسلیم الخلافة إلی بعض ولده، أن تسارع فلیس عندك منعة ولا یمكنك مخالفة القوم فی شیء یریدونه منك.

قال موسی: فمات المتطبب فرات فی خلافة المنصور، ولما دعا المهدی عیسی إلی خلع نفسه من ولایة العهد وتسلیم الأمر إلی الهادی قال: قاتلك الله یافرات، ما كان أجود رأیك وأعلمك بما تتقومه كأنك كنت شاهد یومنا هذا.

قال موسی: ولما رأیت مافعل أبو السرایا بمنازل العباسیین فی الكوفة قلت مثل ماقال عیسی فی فرات.


[1] عيون الانباء ج 2 ص 148.